ذهب ليدعو للنصرانية فعاد مسلما
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير الخلق واشرفهم محمد ابن عبدالله
ذهب ليدعو إلى النصرانية فعاد مسلماً
عندما تكتب الهداية لشخص ما فإنه لا يعلم متى موعدها، ولا يعلم كيف ستكون، فهذا في علم الغيب، وهي أمور تحدث بلمح البصر، فيتغير حال الشخص من حال إلى حال، فتتبدل حياته إلى شخص ولد من جديد، فيدخل حياة الإيمان والطمأنينة، وينبذ حياة الشرك والكفر، فتستقر نفسه، ويشرح صدره بالإيمان، وتتغير حياته، ويعيش لحظات السعادة الحقيقية التي ظل يبحث عنها مدة من الزمن.
ولعل خير شاهد على ذلك هذه القصة التي سوف نبحر في طياتها مع أخينا في الله إسحاق هلال مسيحة ، العربي ولادة ومنشأ، والذي كان فيما سبق أحد قساوسة النصرانية، وأصبح بفضل الله ومنته أحد جنود الإسلام ودعاته.
يقول أخونا إسحاق: ولدت في قرية البياضية، مركز ملوي، من والدين نصرانيين أرثوذكس، زَرَعا في نفسي – منذ الصغر – الحقد ضد الإسلام والمسلمين، وحين بدأت أدرس حياة الأنبياء كانت أسئلتي تثير المشاكل في داخل الكنيسة وأوساط الطلبة؛ حيث يوجد صراع فكري في داخلي يدعوني لليقين التام بأن هناك خلال في عقيدتي، مما جعل البابا يتخذ قراراً سريعاً بتعييني قسيساً قبل موعد التنصيب بعامين كاملين؛ لإغرائي وإشغالي وإبعادي عن الأسئلة وكثرة البحث، ومن ثم عينت رئيساً للكنيسة، وكان البابا يغدق عليّ الأموال حتى لا أعود لمناقشة مثل تلك الأفكار.
وبحكم نشأتي في بلد مسلم بدأت علاقتي مع بعض المسلمين عند دراستي عن الإسلام، فقمت بإعداد رسالة ( الماجستير ) وكان موضوعها ( المقارنة بين الأديان السماوية ) وتركزت في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وختم النبوة به، فواجهت الكثير من النقد على الرسالة من قبل المشرف عليها، والاعتراض على ما جاء فيها حول صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتبشير المسيح بمجيئه، وكنت حيادياً في دراستي، وأخيراً عندما تمت مناقشة الرسالة صدر قرار البابا بسحب الرسالة وعدم الاعتراف بها!!
بعد هذه الأحداث التي مررت بها ومحاولة حجب حقيقة الإسلام عني أخذت أفكر بجدية في أمر الإسلام تفكيراً عميقاً، ولكني لم أستطع الحصول على الكتب الإسلامية الكافية، فقد شدد البابا الحراسة عليّ وعلى مكتبتي الخاصة، فأصبحتُ أبحث عن الحقيقة مهما كلف الثمن.
بدأت بشائر النور تلوح لي في الأفق عندما حدثت لي قصة عجيبة غيرت مجرى حياتي، وكانت السبب بعد الله في هدايتي.
ففي اليوم السادس من الشهر الثامن من عام 1978م كنتُ ذاهباً لإحياء ما يقال عنه ( مولد العذراء )!؟ وبعد وصولي نزلت من القطار وصعدت إلى الحافلة لإكمال الرحلة، وكنت مرتدياً الملابس الخاصة بالقساوسة، وفي هذه الأثناء صعد صبي صغير إلى الحافلة وكان في يده كتيبات صغيرة قام بتوزيعها على جميع راكبي الحافلة إلا أنا!
في هذه اللحظة خطر لي تساؤل: لماذا قام الصبي بتوزيع تلك الكتيبات على جميع الركاب باستثنائي؟؟ فانتظرته حتى انتهى من التوزيع ، ثم سألته قائلاً: يا بني! لماذا أعطيت جميع من بالحافلة تلك الكتيبات وتجاهلتني؟؟ فأجابني: أنت قسيس.
في تلك اللحظات شعرت وكأنني لست أهلاً لحمل هذه الكتيبات مع صِغَر حجمها، فزادني ذلك شغفاً للحصول عليها، فألححت عليه ليبيعني ، فكانت إجابته : إن هذه الكتب إسلامية لا تصلح لك، ثم نزل من الحافلة، وبنزوله شعرت باحتراق ورغبة لإشباع جوعي المعرفي عن الإسلام فلحقت به، ولما رآني أتبعه لاذ بالفرار خوفاً مني، فركضت خلفه في محاولة للحصول على الكتيبات وهو لا يدري أنني متشوق لقراءة ما له علاقة بدين الإسلام، وأثناء المطاردة سقط منه كتابان، فاكتفيت بذلك والتقطتهما وعدت أدراجي، وكانت تحمل تباشير الصباح.
عندما وصلت إلى الكنيسة الكبرى دخلت إلى غرفتي، وبعد أن أخذت قسطاً من الراحة أخرجت أحد الكتابين وإذا به جزء عم، فتحته ووقع بصري على سورة ( الإخلاص ) .
بدأت في قراءتها، وكنت أشعر أثناء ذلك براحة نفسية واطمئنان قلبي وسعادة روحية عجيبة، لقد أيقظت عقلي وهزت كياني حينها، وبدأت أرددها حتى حفظتها عن ظهر قلب، وبينما أنا على هذا الحال دخل عليّ أحد القساوسة وناداني: "أبونا إسحاق" فخرجت وأنا أصيح في وجهه وأقول: "قل هو الله أحد" دون شعور مني، فبهت مني !.
مضت فترة من الزمن على تلك الأحداث ، وفي يوم من الأيام ذهبت إلى الكنيسة كعادتي، وقصدت كرسي الاعتراف كي أسمع اعترافات الجهلة الذين يؤمنون بأن القسيس بيده غفران الخطايا، فجاءت امرأة تعترف بجرم ارتكبته، ومن العادة المتبعة أن يقوم الكاهن برفع الصليب في وجه المعترف ويغفر له خطاياه، وما كدت أرفع الصليب لأغفر لها حتى عادت في ذهني عبارة "قل هو الله أحد" فعجز لساني عن النطق، ودخلت في نوبة بكاء شديدة، وقلت في نفسي: هذه المرأة جاءت لتنال غفران خطاياها مني! فمن يغفر لي خطاياي يوم الحساب والعقاب ؟!.
هنا أدركت أن هناك إلهاً واحداً لا معبود سواه، فذهبت على الفور للقاء الأسقف وسألته قائلاً : أنا أغفر الخطايا لعامة الناس، فمن يغفر لي خطاياي ؟!.
فأجاب دون اكتراث : البابا.
فسألته : ومن يغفر للبابا ؟ فانتفضت فرائصه ووقف صارخاً وقال: أنت قسيس قد أصابه الجنون، والبابا الذي أمر بتنصيبك هو مجنون أيضاً؛ لأننا سبق أن أخبرناه باعتراضنا على تنصيبك؛ لئلا تفسد الشعب بإسلامياتك وفكرك المنحل!!. وبعد تلك المناقشة صدر قرار البابا بحبسي ، أخذوني معصوب العينين، وهناك استقبلني الرهبان استقبالاً كادوا لي فيه صنوف العذاب .
علماً بأنني حتى تلك اللحظة لم أسلم، استعملوا معي كل أساليب التعذيب الذي لا تزال آثاره موجودة على جسدي، وبعد ثلاثة أشهر أخذوني إلى كبير الرهبان لتأديبي دينياً وتقديم النصيحة لي، وعند مقابلته قال لي: يا بني.. إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، اصبر واحتسب، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.
تعجبت من حديثه؟! فليس هذا الكلام من الكتاب المقدس ولا من أقوال القديسين.
ولكن لم يطل بي الوقت حتى دخلت عليه ذات صباح لإيقاظه، فتأخر في الرد علي وفتح باب الغرفة، فدفعته ودخلت ظناً مني بأنه قد حدث له مكروه، وكانت المفاجأة الكبرى التي كانت نوراً لهدايتي لهذا الدين الحق، دين الوحدانية، فقد شاهدته قائماً يصلي مستقبلاً القبلة، تسمرت في مكاني أمام هذا المشهد الذي أراه أكاد لا أصدق ما أراه، وعندما ذهب عني ذهول الصدمة سارعت بإغلاق الباب؛ خوفاً أن يراه أحد من الرهبان ويفضح أمره، فقد عرفتُ بأنه وجد طريق الصواب، واتبعه وأصبح مسلماً، مما جعل في نفسي أثراً كبيراً بحق.
بعد هذه الأحداث وضح لي نور الإيمان جلياً، وزدت يقيناً بأن هذا هو الدين الحق، وصَمّمت على اعتناقه بكل رغبة مني وصدق مشاعر، وقد واجهتني في هذا بعض الصعوبات بسبب المكانة التي أحتلها داخل الكنيسة، فقد حاولوا منع ذلك بشتى الوسائل، فأحضروا لي فريقاً من القساوسة للجلوس معي، وقاموا بتهديدي بأخذ جميع أموالي وممتلكاتي إذا لم أعدل عن قراري باعتناق الإسلام، فما كان مني سوى التنازل لهم عن كل شيء، فأصبحت الكنيسة بعد ذلك تظهر لي جميع أنواع العداء، وتعرضت لثلاث محاولات اغتيال من بعض أقاربي، ولكن هذا لم يزدني سوى إصراراً على الثبات على الحق، وعدم تفريط بفرصة بداية الحياة الجديدة في ظل نور الإسلام العظيم ، والحمد لله أولاً وأخرا .
فوائد مأخوذة من القصة :
1- الحث على الصبر في دعوة الناس وعدم اليأس من أي شخص في توبته أو دخوله الإسلام؛ لأن الهداية بيد الله عز وجل .
2- إذا كان أهل الباطل يدفعون الأموال الطائلة حتى يصدوا الناس عن دين الله عز وجل وعن طريق الهداية كما في قصة هذا الرجل الذي كان يدفع له البابا الأموال الكثيرة حتى يلهيه عن التفكير بالهداية، فإنه لحري بنا نحن أهل الإسلام أن نستألف قلوب الناس كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم في المؤلفة قلوبهم؛ لأننا أهل الحق.
3- فضل نشر الكتب التي تتكلم عن الإسلام حتى وإن كانت في بلدان غير إسلامية، فإنه بكتاب واحد هدى الله به عالماً من علماء النصارى – قسيس- وكان سبباً في دخوله الإسلام.
4- الدعوة إلى الإسلام لا تختص بطبقة معينة من الناس بل كل شخص لابد من دعوته إلى الله حتى وإن كان قسيساً أو دكتوراً أو عالماً، وقد أخطأ الصبي – كما في هذه القصة – عندما منع الكتيبات عن هذا القسيس ولكن إرادة الله جعلته هو الذي يطلب هذه الكتب .
5- بيان أن النصارى على ضلالة ؛ لأنهم يطلبون مغفرة الذنوب من أناس مثلهم .
6- ابتلاء الله عباده لتمحيصهم كما حصل مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخلوا في الإسلام وتعذيب المشركين لهم، وكما حصل مع صاحب هذه القصة من تعذيب الرهبان له[center]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير الخلق واشرفهم محمد ابن عبدالله
ذهب ليدعو إلى النصرانية فعاد مسلماً
عندما تكتب الهداية لشخص ما فإنه لا يعلم متى موعدها، ولا يعلم كيف ستكون، فهذا في علم الغيب، وهي أمور تحدث بلمح البصر، فيتغير حال الشخص من حال إلى حال، فتتبدل حياته إلى شخص ولد من جديد، فيدخل حياة الإيمان والطمأنينة، وينبذ حياة الشرك والكفر، فتستقر نفسه، ويشرح صدره بالإيمان، وتتغير حياته، ويعيش لحظات السعادة الحقيقية التي ظل يبحث عنها مدة من الزمن.
ولعل خير شاهد على ذلك هذه القصة التي سوف نبحر في طياتها مع أخينا في الله إسحاق هلال مسيحة ، العربي ولادة ومنشأ، والذي كان فيما سبق أحد قساوسة النصرانية، وأصبح بفضل الله ومنته أحد جنود الإسلام ودعاته.
يقول أخونا إسحاق: ولدت في قرية البياضية، مركز ملوي، من والدين نصرانيين أرثوذكس، زَرَعا في نفسي – منذ الصغر – الحقد ضد الإسلام والمسلمين، وحين بدأت أدرس حياة الأنبياء كانت أسئلتي تثير المشاكل في داخل الكنيسة وأوساط الطلبة؛ حيث يوجد صراع فكري في داخلي يدعوني لليقين التام بأن هناك خلال في عقيدتي، مما جعل البابا يتخذ قراراً سريعاً بتعييني قسيساً قبل موعد التنصيب بعامين كاملين؛ لإغرائي وإشغالي وإبعادي عن الأسئلة وكثرة البحث، ومن ثم عينت رئيساً للكنيسة، وكان البابا يغدق عليّ الأموال حتى لا أعود لمناقشة مثل تلك الأفكار.
وبحكم نشأتي في بلد مسلم بدأت علاقتي مع بعض المسلمين عند دراستي عن الإسلام، فقمت بإعداد رسالة ( الماجستير ) وكان موضوعها ( المقارنة بين الأديان السماوية ) وتركزت في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وختم النبوة به، فواجهت الكثير من النقد على الرسالة من قبل المشرف عليها، والاعتراض على ما جاء فيها حول صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتبشير المسيح بمجيئه، وكنت حيادياً في دراستي، وأخيراً عندما تمت مناقشة الرسالة صدر قرار البابا بسحب الرسالة وعدم الاعتراف بها!!
بعد هذه الأحداث التي مررت بها ومحاولة حجب حقيقة الإسلام عني أخذت أفكر بجدية في أمر الإسلام تفكيراً عميقاً، ولكني لم أستطع الحصول على الكتب الإسلامية الكافية، فقد شدد البابا الحراسة عليّ وعلى مكتبتي الخاصة، فأصبحتُ أبحث عن الحقيقة مهما كلف الثمن.
بدأت بشائر النور تلوح لي في الأفق عندما حدثت لي قصة عجيبة غيرت مجرى حياتي، وكانت السبب بعد الله في هدايتي.
ففي اليوم السادس من الشهر الثامن من عام 1978م كنتُ ذاهباً لإحياء ما يقال عنه ( مولد العذراء )!؟ وبعد وصولي نزلت من القطار وصعدت إلى الحافلة لإكمال الرحلة، وكنت مرتدياً الملابس الخاصة بالقساوسة، وفي هذه الأثناء صعد صبي صغير إلى الحافلة وكان في يده كتيبات صغيرة قام بتوزيعها على جميع راكبي الحافلة إلا أنا!
في هذه اللحظة خطر لي تساؤل: لماذا قام الصبي بتوزيع تلك الكتيبات على جميع الركاب باستثنائي؟؟ فانتظرته حتى انتهى من التوزيع ، ثم سألته قائلاً: يا بني! لماذا أعطيت جميع من بالحافلة تلك الكتيبات وتجاهلتني؟؟ فأجابني: أنت قسيس.
في تلك اللحظات شعرت وكأنني لست أهلاً لحمل هذه الكتيبات مع صِغَر حجمها، فزادني ذلك شغفاً للحصول عليها، فألححت عليه ليبيعني ، فكانت إجابته : إن هذه الكتب إسلامية لا تصلح لك، ثم نزل من الحافلة، وبنزوله شعرت باحتراق ورغبة لإشباع جوعي المعرفي عن الإسلام فلحقت به، ولما رآني أتبعه لاذ بالفرار خوفاً مني، فركضت خلفه في محاولة للحصول على الكتيبات وهو لا يدري أنني متشوق لقراءة ما له علاقة بدين الإسلام، وأثناء المطاردة سقط منه كتابان، فاكتفيت بذلك والتقطتهما وعدت أدراجي، وكانت تحمل تباشير الصباح.
عندما وصلت إلى الكنيسة الكبرى دخلت إلى غرفتي، وبعد أن أخذت قسطاً من الراحة أخرجت أحد الكتابين وإذا به جزء عم، فتحته ووقع بصري على سورة ( الإخلاص ) .
بدأت في قراءتها، وكنت أشعر أثناء ذلك براحة نفسية واطمئنان قلبي وسعادة روحية عجيبة، لقد أيقظت عقلي وهزت كياني حينها، وبدأت أرددها حتى حفظتها عن ظهر قلب، وبينما أنا على هذا الحال دخل عليّ أحد القساوسة وناداني: "أبونا إسحاق" فخرجت وأنا أصيح في وجهه وأقول: "قل هو الله أحد" دون شعور مني، فبهت مني !.
مضت فترة من الزمن على تلك الأحداث ، وفي يوم من الأيام ذهبت إلى الكنيسة كعادتي، وقصدت كرسي الاعتراف كي أسمع اعترافات الجهلة الذين يؤمنون بأن القسيس بيده غفران الخطايا، فجاءت امرأة تعترف بجرم ارتكبته، ومن العادة المتبعة أن يقوم الكاهن برفع الصليب في وجه المعترف ويغفر له خطاياه، وما كدت أرفع الصليب لأغفر لها حتى عادت في ذهني عبارة "قل هو الله أحد" فعجز لساني عن النطق، ودخلت في نوبة بكاء شديدة، وقلت في نفسي: هذه المرأة جاءت لتنال غفران خطاياها مني! فمن يغفر لي خطاياي يوم الحساب والعقاب ؟!.
هنا أدركت أن هناك إلهاً واحداً لا معبود سواه، فذهبت على الفور للقاء الأسقف وسألته قائلاً : أنا أغفر الخطايا لعامة الناس، فمن يغفر لي خطاياي ؟!.
فأجاب دون اكتراث : البابا.
فسألته : ومن يغفر للبابا ؟ فانتفضت فرائصه ووقف صارخاً وقال: أنت قسيس قد أصابه الجنون، والبابا الذي أمر بتنصيبك هو مجنون أيضاً؛ لأننا سبق أن أخبرناه باعتراضنا على تنصيبك؛ لئلا تفسد الشعب بإسلامياتك وفكرك المنحل!!. وبعد تلك المناقشة صدر قرار البابا بحبسي ، أخذوني معصوب العينين، وهناك استقبلني الرهبان استقبالاً كادوا لي فيه صنوف العذاب .
علماً بأنني حتى تلك اللحظة لم أسلم، استعملوا معي كل أساليب التعذيب الذي لا تزال آثاره موجودة على جسدي، وبعد ثلاثة أشهر أخذوني إلى كبير الرهبان لتأديبي دينياً وتقديم النصيحة لي، وعند مقابلته قال لي: يا بني.. إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، اصبر واحتسب، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.
تعجبت من حديثه؟! فليس هذا الكلام من الكتاب المقدس ولا من أقوال القديسين.
ولكن لم يطل بي الوقت حتى دخلت عليه ذات صباح لإيقاظه، فتأخر في الرد علي وفتح باب الغرفة، فدفعته ودخلت ظناً مني بأنه قد حدث له مكروه، وكانت المفاجأة الكبرى التي كانت نوراً لهدايتي لهذا الدين الحق، دين الوحدانية، فقد شاهدته قائماً يصلي مستقبلاً القبلة، تسمرت في مكاني أمام هذا المشهد الذي أراه أكاد لا أصدق ما أراه، وعندما ذهب عني ذهول الصدمة سارعت بإغلاق الباب؛ خوفاً أن يراه أحد من الرهبان ويفضح أمره، فقد عرفتُ بأنه وجد طريق الصواب، واتبعه وأصبح مسلماً، مما جعل في نفسي أثراً كبيراً بحق.
بعد هذه الأحداث وضح لي نور الإيمان جلياً، وزدت يقيناً بأن هذا هو الدين الحق، وصَمّمت على اعتناقه بكل رغبة مني وصدق مشاعر، وقد واجهتني في هذا بعض الصعوبات بسبب المكانة التي أحتلها داخل الكنيسة، فقد حاولوا منع ذلك بشتى الوسائل، فأحضروا لي فريقاً من القساوسة للجلوس معي، وقاموا بتهديدي بأخذ جميع أموالي وممتلكاتي إذا لم أعدل عن قراري باعتناق الإسلام، فما كان مني سوى التنازل لهم عن كل شيء، فأصبحت الكنيسة بعد ذلك تظهر لي جميع أنواع العداء، وتعرضت لثلاث محاولات اغتيال من بعض أقاربي، ولكن هذا لم يزدني سوى إصراراً على الثبات على الحق، وعدم تفريط بفرصة بداية الحياة الجديدة في ظل نور الإسلام العظيم ، والحمد لله أولاً وأخرا .
فوائد مأخوذة من القصة :
1- الحث على الصبر في دعوة الناس وعدم اليأس من أي شخص في توبته أو دخوله الإسلام؛ لأن الهداية بيد الله عز وجل .
2- إذا كان أهل الباطل يدفعون الأموال الطائلة حتى يصدوا الناس عن دين الله عز وجل وعن طريق الهداية كما في قصة هذا الرجل الذي كان يدفع له البابا الأموال الكثيرة حتى يلهيه عن التفكير بالهداية، فإنه لحري بنا نحن أهل الإسلام أن نستألف قلوب الناس كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم في المؤلفة قلوبهم؛ لأننا أهل الحق.
3- فضل نشر الكتب التي تتكلم عن الإسلام حتى وإن كانت في بلدان غير إسلامية، فإنه بكتاب واحد هدى الله به عالماً من علماء النصارى – قسيس- وكان سبباً في دخوله الإسلام.
4- الدعوة إلى الإسلام لا تختص بطبقة معينة من الناس بل كل شخص لابد من دعوته إلى الله حتى وإن كان قسيساً أو دكتوراً أو عالماً، وقد أخطأ الصبي – كما في هذه القصة – عندما منع الكتيبات عن هذا القسيس ولكن إرادة الله جعلته هو الذي يطلب هذه الكتب .
5- بيان أن النصارى على ضلالة ؛ لأنهم يطلبون مغفرة الذنوب من أناس مثلهم .
6- ابتلاء الله عباده لتمحيصهم كما حصل مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخلوا في الإسلام وتعذيب المشركين لهم، وكما حصل مع صاحب هذه القصة من تعذيب الرهبان له[center]